ما هو الظلم؟

الظلم هو سلوك أو ممارسة تنطوي على انتهاك حقوق الآخرين، سواء كان ذلك بالتعدي على ممتلكاتهم، كرامتهم، أو حريتهم. يُعتبر الظلم من أسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، وقد حذر منه الدين الإسلامي وكل القيم الإنسانية لما يترتب عليه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع.

تعريف الظلم

الظلم لغةً يعني وضع الشيء في غير موضعه. أما اصطلاحًا، فهو تعدي الإنسان على حقوق غيره أو التقصير في إعطاء الحقوق لأصحابها، سواء كان ذلك عمدًا أو عن جهل.

أنواع الظلم

ظلم الإنسان لنفسه: يحدث عندما يقوم الشخص بأفعال تُسبب له الضرر، كالإصرار على الذنوب، إهمال صحته، أو تضييع وقته.
ظلم الإنسان للآخرين: يشمل كل أذى مادي أو معنوي يلحقه شخص بآخر، مثل سرقة المال، الكذب، الغش، أو التعدي على الكرامة.
ظلم الإنسان تجاه الله عز وجل: يتمثل في الشرك بالله، وهو أعظم أنواع الظلم، حيث يقول الله تعالى:

"إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: 13).

آثار الظلم

آثار نفسية على المظلوم:

الشعور بالقهر واليأس.
ضعف الثقة بالنفس.

آثار على الظالم:

فقدان احترام الآخرين.
تعذيب الضمير وتأنيب النفس.

آثار اجتماعية:

انتشار الكراهية والحقد بين الناس.
انهيار القيم والمبادئ.
زعزعة استقرار المجتمعات.

أسباب الظلم

الجهل: عدم إدراك عواقب الظلم.
حب الذات: الأنانية والسعي لتحقيق المصالح الشخصية على حساب الآخرين.
الطمع والجشع: الرغبة المفرطة في المال أو السلطة.
ضعف الوازع الديني والأخلاقي.

كيفية تجنب الظلم

تعزيز الإيمان بالله عز وجل: إدراك أن الله تعالى مطّلع على كل شيء، وأن الظالم سيُحاسب يوم القيامة.
التربية على القيم الأخلاقية: غرس قيم العدل والمساواة في الأجيال القادمة.
الاعتراف بالخطأ: التراجع عن الظلم والاعتذار للمظلومين.
نشر الوعي: التوعية بمخاطر الظلم وآثاره من خلال الخطابات والمناهج التعليمية.

الظلم في القرآن والسنة

الظلم في القرآن الكريم

القرآن الكريم مليء بالآيات التي تُظهر مدى قبح الظلم وعواقبه الوخيمة على الأفراد والمجتمعات. الله عز وجل نهى عن الظلم بشتى أنواعه وأوضح عقاب الظالمين في الدنيا والآخرة. ومن أبرز الآيات التي تناولت الظلم:

تحذير من عاقبة الظلم: قال الله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (يونس: 44).
هذه الآية تبين أن الله عادل لا يظلم أحدًا، ولكن الإنسان بجهله وعدوانه هو الذي يجلب الضرر لنفسه.

دعوة إلى إقامة العدل: قال تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ" (النحل: 90).
هذه الآية تجعل إقامة العدل قاعدة أساسية في الإسلام وتحذر من البغي والظلم.

وعد للمظلومين: قال الله عز وجل:

"وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص: 5).
الآية توضح أن الله تعالى ينصر المظلومين ويجعلهم في مكانة رفيعة.

العقاب الإلهي للظالمين: قال الله تعالى:

"فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا، وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا" (العنكبوت: 40).
هذه الآية تظهر العقوبات المختلفة التي أنزلها الله تعالى على الأمم الظالمة.

الظلم في السنة النبوية

النبي محمد ﷺ كان دائم التحذير من الظلم، وحثَّ على إقامة العدل بين الناس، وأكد أن الظلم سبب في الهلاك والعذاب.

الظلم ظلمات يوم القيامة: قال النبي ﷺ:

"اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" (رواه مسلم).
هذا الحديث يبين أن الظلم لن يمر دون حساب، بل سيكون سببًا في معاناة الظالم في الآخرة.

حق المظلوم: قال النبي ﷺ:

"دعوة المظلوم تُرفع فوق الغمام، ويقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" (رواه الطبراني).
الحديث يوضح أن دعوة المظلوم لا ترد وأن الله وعد بنصر المظلوم مهما طال الزمن.

النهي عن ظلم العباد: في الحديث القدسي قال الله عز وجل:

"يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا" (رواه مسلم).
الله سبحانه وتعالى جعل الظلم محرمًا حتى على نفسه تأكيدًا على قبحه.

إثم من يساعد على الظلم: قال النبي ﷺ:

"من أعان على خصومة بظلم، أو أعان على ظلم، فهو في سخط الله حتى ينزع" (رواه ابن ماجه).
الحديث يحذر من التعاون مع الظالمين أو مساندتهم بأي شكل من الأشكال.

كيف نتجنب الظلم استنادًا إلى القرآن والسنة؟

الخوف من الله عز وجل ومراقبته: إدراك أن الله تعالى يرى كل أفعالنا ويحاسبنا عليها.
إقامة العدل بين الناس: تطبيق قواعد العدل والمساواة كما أمر الله عز وجل.
رد الحقوق إلى أصحابها: الحرص على عدم أكل أموال الناس بالباطل أو التعدي على حقوقهم.
التوبة والاستغفار: إذا وقع الشخص في ظلم، عليه أن يتوب إلى الله، ويرد الحقوق لأصحابها، ويطلب السماح.
النصرة للمظلوم: الوقوف بجانب المظلوم والدفاع عنه كما أمر النبي ﷺ.